قائمة المؤلفين

أنواع الذكاء الاصطناعي: فهم الفرق بين Narrow AI، General AI، وSuper AI، ومستوى التفكير وتعدد المهام
أنواع الذكاء الاصطناعي: فهم الفرق بين Narrow AI، General AI، وSuper AI، ومستوى التفكير وتعدد المهام
محمد فاضل مهدي نائب رئيس مركز الخوارزمي للذكاء الاصطناعي باحث في مجال الذكاء الاصطناعي
المقدمة في ظل التطوّر السريع للذكاء الاصطناعي (AI) و كثرة التطبيقات والادوات المنتشرة والمستخدمة في هذا المجال، ثمة لغط كبير لدى كثير من المهتمّين والمتابعين حول حقيقة مفهوم الذكاء الاصطناعي، والدمج بين أنواعه، ومدى قدرته على اتخاذ القرارات المبنيّة على المعرفة أو على التدريب المسبق. خصوصا المستخدمين لنماذج GPT . من خلال هذه المقالة المختصرة نسعى إلى توضيح الفوارق الرئيسة بين الأنواع الشائعة للذكاء الاصطناعي، واستعراض مستوى "التفكير" وتعدّد المهام في ضوء أحدث التقارير والدراسات المعتمدة، لتمهيد الطريق لفهم أفضل لحدود ما يمكن أن تفعله الأنظمة الذكية حاليًا وما قد تحقّقه في المستقبل. في هذا الإطار، يصنّف باحثو الذكاء الاصطناعي الأنظمة الحالية والمستقبلية ضمن ثلاث فئات رئيسية: الذكاء الاصطناعي الضيّق (Narrow AI) الذكاء الاصطناعي العام (General AI) الذكاء الاصطناعي الفائق (Super AI) 1- الذكاء الاصطناعي الضيق (Narrow AI) يُعرف الذكاء الاصطناعي الضيق بقيام الانظمة بعمل مهمة معيّنة أو مجموعة محدودة من المهام بكفاءة عالية، دون امتلاك قدرة شاملة على التعلّم والتكيّف في مجالات أخرى خارجة عن نطاق برمجتها. يفتقر هذا النوع إلى الوعي الذاتي أو "التفكير العام"، إذ ينجح بقوّة في مجال ضيّق ويعجز في غيره. هناك الكثير من الامثلة اهمها : المساعدات الصوتية مثل Siri وGoogle Assistant حيث تعتمد على معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لفهم الأوامر الصوتية وتنفيذها، لكنّها تظل محدودة في أسئلة وأوامر ضمن نطاق معيّن. خوارزميات التوصية والتي تستخدم في يوتيوب ونتفليكس حيث توصّي المحتوى بناءً على سلوك المستخدمين، لكنها لا تستطيع "التفكير" خارج حدود البيانات التي دُرِّبت عليها. المركبات الذاتية القيادة: تتفوّق في تحليل الصور وحركة المرور ضمن بيئة محدّدة، لكنّها غير قادرة على خوض مهام أخرى . فقط في مجال عملها ChatGPT برغم قدرته على معالجة النصوص والإجابة عن الأسئلة في مواضيع متنوعة، لا يزال نطاقه محصورًا في مجال "معالجة اللغة الطبيعية" (NLP) دون وعي حقيقي أو تفكير متعدد المهام خارج نطاق النص. حيث ذكر تقرير صادر من Stanford AI Index لعام 2023 ، فإن أغلب التطبيقات التجاريّة اليوم تندرج تحت فئة الذكاء الاصطناعي الضيّق، ما يؤكد سيطرة هذا النوع على سوق الـ AI حاليًا. 2 - الذكاء الاصطناعي العام (General AI) الذكاء الاصطناعي العام يُشير إلى نظام يتمتّع بالقدرة على فهم وتعلّم أي مهمة ذهنية يستطيع الإنسان أداءها. بمعنى آخر، لا يقتصر على نطاق محدّد من المشكلات، بل يتمتّع بمرونة تفكير تشبه البشر وقدرة على الابتكار في مواجهة سيناريوهات جديدة. الى الان وحسب المصادر لايوجد اي تطبيق وصل الى مرحلة الذكاء الاصطناعي العام رغم التقدّم الكبير في قدرات تعلم الالة والتعلم العميق والمعالجة اللغوية. حيث ظهر تقرير منMicrosoft Research لعام 2023 حول أداء النماذج اللغوية المتقدّمة مثل GPT-4) في اختبارات متنوعة (SAT, GRE امتحان نقابة المحامين الأمريكيين( ان هناك تقدّمًا ملحوظًا في أداء الآلة، لكن ما يزال اداءها متخصصًا في نطاق الاختبارات اللغوية والمنطقية، وليس ذكاءً عامًا يشمل التفكير المجرد والوعي. ايظا نشرت OpenAI في مدوّنتها بحثًا يشير إلى أن النماذج اللغوية الحالية تستطيع اجتياز اختبارات قياسية بدرجات عالية، لكنّها تخفق عند التعامل مع أسئلة تتطلّب تفكيرًا مجرّدًا أو خلفية معرفية واسعة . 3- الذكاء الاصطناعي الفائق (Super AI) الذكاء الاصطناعي الفائق (Super AI) هو تصوّر مستقبلي لنظام يتفوّق على القدرات البشرية في جميع المجالات العقلية تقريبًا، بما فيها الإبداع والتحليل الاستراتيجي والفهم العاطفي. يتمتّع هذا النظام بوعي ذاتي، وقدرة على وضع أهداف واتخاذ قرارات قد تفوق مدى استيعاب الإنسان. الى الان هو مفهوم نظري لا يوجد إلى اليوم أي تطبيق واقعي للذكاء الفائق، وما يرد بشأنه ينحصر في أبحاث أكاديمية ونظريّات تخص مستقبل الذكاء الاصطناعي. لكنه يوجد اهتما واسع حيث يولي عمالقة التقنية مثل Google و Microsoft و Meta وغيرهم اهتمامًا كبيرًا للأبحاث بعيدة المدى التي قد تفتح الباب للوصول إلى قدرات فائقة. لكن معظم هذه الأبحاث ما يزال في مراحله الأولية، ويدور حول جوانب فرعية مثل التعلّم المتعمّق والأخلاقيات والحوسبة الكمّية. مستوى التفكير وتعدّد المهام في الأنظمة الحالية تنفيذ مهام متزامنة أم حقيقية؟ كثيرًا ما يُعتقَد أن النماذج الحالية، خصوصًا النماذج اللغوية الكبيرة، تُجيد تعدّد المهام. ولكن ما يحصل فعليًا هو معالجة متوازية (Parallel Processing) مبنية على حوسبة سحابية قوية، وليست "مرونة تفكير" كالتي نربطها بالذكاء البشري. القدرة على اتخاذ القرار يتخذ الذكاء الاصطناعي "قرارات" في حدود خوارزميات محدّدة، مثل اختيار نقلة في لعبة الشطرنج أو اقتراح محتوى للمستخدم. لا يمتلك "وعيًا" بالقرار أو تبريرًا لغرضه؛ بل يتبع نمطًا رياضيًا لحل المشكلة., مبني على بيانات ضخمة. الفرق الأساسي بين الأنواع الثلاثة الذكاء (Thinking) Narrow AI يعتمد على قواعد أو نماذج رياضية في مهمة محدّدة، دون وعي ذاتي أو تفكير شامل. General AI يمتلك المرونة اللازمة للتعامل مع أي مشكلة ذهنية في أي مجال، مع قدرة على التعلّم والاستنتاج عبر التجارب. Super AI يتجاوز القدرات البشرية في كل جانب، بما يشمل الإبداع والتخطيط الاستراتيجي والوعي بالذات. تنفيذ المهام المتعدّدة (Multitasking) Narrow AI متخصص في مهمة أو مجموعة مهام ضيقة، وإن بدت متعددة فهي تحت مظلة برمجة محددة. General AI قادر على إنجاز مختلف المهام دون قيود، مع قدرة على التعلّم والاستنتاج عبر التجارب. Super AI يؤدي جميع المهام بشكل يفوق قدرات الإنسان وبدرجة وعي وفهم أكثر تعقيدًا. الخلاصة يتطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة، حيث تُهيمن الأنظمة الضيّقة على الواقع العملي في أغلب القطاعات الاقتصادية. ورغم أن بعض النماذج المتقدّمة مثل (GPT-4) قدّمت قفزات نوعية في المحادثة اللغوية وأداء الاختبارات القياسية، فإنّنا ما زلنا بعيدين عن مفهوم "الذكاء العام". أما الذكاء الفائق، فيبقى إطارًا نظريًا يخضع للكثير من النقاشات الأخلاقية والعلمية حول جدواه وخطورته. إنّ فهم الفروقات بين أنواع الذكاء الاصطناعي يساعدنا على تحديد طبيعة القرارات التي يمكن لهذه الأنظمة اتخاذها، سواء اعتمدت على قواعد المعرفة المتراكمة أو على التدريب المسبق ضمن نطاق مخصّص. وبينما تتيح الأنظمة الحالية إنجاز الكثير من المهام بكفاءة غير مسبوقة، يظل بلوغ "التفكير الشامل" وتحقيق تعدّد المهام الحقيقي والواعي هدفًا مستقبليًا يتطلّب مزيدًا من الأبحاث والتطوير. المراجع : Stanford Institute for Human-Centered Artificial Intelligence (2023). AI Index Report. Microsoft Research (2023). Sparks of Artificial General Intelligence: Early Experiments with GPT-4. OpenAI. (2023). GPT-4 Technical Report.